مملكة النهب ( محمد الخامس . حسن الثاني .محمد السادس) الجزء الخامس

- اولهما أن الدين الخارجي الضخم يجثم على ميزانية البلد، ويشل كل محاولة تصحيحية جادة، يسنده في ذلك الغش الإداري والبطء والبيروقراطي والفساد المالي..عاهة مغرب حكام الجبر ولعنة المستضعفين !
- وثانيها أن الملك الشاب والأمراء والأميرات شركاء في تركة الرجل الهالك، لكل منهم نصيب من الثروة القار ونية التي خلفها.
فلنقرن المعطيين حتى تتبدى لنا بدهية الحل الجدري لمشكل الفقر الذي يقض مضجع المغاربة: أن تخصص هذه الثروة الهائلة لتسديد هذا الدين الثقيل ومحو كابوسه الرهيب، بذلك يرتقي الملك الجديد إلى مقام الأبطال، حينئذ يكون له موعد مع المجد لن يخلفه !" 7
لكن يبدو أن "أب الأمة" الشاب، لم يلتفت إلى نصائح الشيخ المتصوف، فقد فك عليه الحصار ليطفأ شعلته، وحتى لا يتحول هذا الشيخ إلى رمز ديني ينافسه على إمارة المؤمنين ،
لم يتغير أي شيء في هذا البلد السعيد، فحتى الملك لم يتخلص من التقاليد السلطانية المكلفة، فقد صرح لأحد المجلات الأجنبية أنه لا رغبة له في تغيير أو التخلص من البروتوكولات الملكية، لأنها " تمنح للملك الهالة والوقار، فلا يمكن لي أن أفرط في ما ورثته عن أجدادي " .
فعلا إنها أحد محاسن العهد الجديد،و الذي علق عليه " أحمد السنوسي " الفنان الساخر- الذي لا يعترف بالحدود الحمراء والمحروم من ملاقاة جمهوره العريض – بأنه فعلا عهد جديد ولكن بأدوات قديمة . فقد نشرت المجلة الناطقة باللغة الفرنسية " تيل كيل " الذي يعد الملك من أحد قراءها، تفاصيل عن ميزانية الملك ونفقاته الخاصة، حيث قدرت ثروة الملك بحوالي 20مليار دولار، وبأن الملك ينفق 3.6 مليون جنيه استرليني في الشهر رواتب لموظفي قصره البالغ عددهم 1100موظف، 97 ألف جنيه على إصلاح سياراته، 53 ألف جنيه على لعب الحيوانات والخيول في إسطبلاته الملكية، 632ألف جنيه على الماء والكهرباء،600ألف جنيه على المكالمات الهاتفية، 355ألف على وقود السيارات والمركبات التابعة للملك وحاشيته، وتصل ميزانية لباس القصر الملكي ومن فيه إلى 121ألف جنيه استرليني شهريا ، و61 ألف جنيه على القرطاسية ، وهكذا فالملكية تكلف دافعي الضرائب من الشعب المغربي مبلغ 144،6 مليون جنيه استرليني في العام ،حيث يعتمد الملك على أموال الضرائب أكثر من أي ملك آخر في أوربا ، أي أكثر بثماني عشرة مرة مما تكلفه الملكة " إليزابيث " الثانية ملكة بريطانيا والتي جمدت ميزانيتها إلى 7،9 مليون جنيه ، وتبلغ ميزانية الملكية الاسبانية 5.06 مليون جنيه، أما الملكية البلجيكية فميزانيتها لا تتعدى 4.23 مليون جنيه، أما الرئيس الفرنسي جاك شيراك فتبلغ ميزانيته السنوية 22.3 مليون جنيه في العام، أما راتب محمد السادس الشهري فيبلغ 25.126 مليون جنيه ، في حين أن العائلة المغربية العادية تعيش على نصف جنيه في اليوم الواحد ( أي دولار واحد ) !!! (8 )
إن نهب أموال الشعب المغربي تحت غطاء تلبية تكاليف القصر وحاشيته الأسطورية، يزداد تواصلا بشكل دراماتيكي، في الاختلاسات التي تعانيها المؤسسات العامة المغربية وحتى القصور الملكية، فالمغاربة لازالوا يتابعون بدهشة كبيرة قضية لصوص القصر الملكي أو " الحجر المقدس " كما يطلق عليها الصحفي المشاغب " علي المرابط " ،فقد قدم للعدالة بطريقة مسرحية محافظ قصر أكادير مصطفى الهلالي بتهم اختلاس أموال ومعدات عمومية من القصر الملكي بأكادير رفقة " المانوزي" و " الفناوي " ،ولقد تقدمت الدولة المغربية بتنازل عن مطالبها بمتابعة المعنين ، بعد تفاوض مضني قاده مستشارو الملك مع المتهمين الذين هددوا بكشف خبايا وأسرار النهب الحاصل في القصور الملكية للرأي العام والذي سيطيح برؤوس كبيرة بمحيط القصر ، مالم يطلق سراحهم ..
وبما أن النهب أصبح هي العملة المتداولة لدى الموظفون الكبار في الدولة، فان المؤسسات العامة لم تسلك منه، فقد انفجرت فضيحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولذر الرماد في العيون تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بمجلس النواب والتي خرجت بتقرير قدر حجم النهب ب115مليار درهم يتكون هذا الرقم من 50مليار درهم ممنوحة، و65 مليار درهم فوائد، ويبدو أن هذا الرقم تقريبيا لأن اللجنة المذكورة لم تستطع الإطلاع على عدد من الملفات والوثائق المهمة التي اختفت من الإدارة المركزية للصندوق، فمبلغ 115 مليار درهم يشكل حسب الباحث الاقتصادي عبد الخالق بنزكري" 25% من المنتوج الداخلي الخام للمغرب لسنة 2004، وهي تشكل 275% من نفقات الدين العمومي ، و8 مرات مدا خيل الخوصصة لسنة 2002 ، و5 مرات تحويلات العمال المهاجرين ، وهذا المبلغ كان سيساهم في خلق ، أكثر من مليون سكن اجتماعي ، وأكثر من مليوني مدرسة ، وأكثر من مليوني سرير مستشفى ،وأكثر من مليوني منصب شغل بمعدل أجر يفوق 2000 درهم شهريا " (9) ويبلغ مقدار التقريبي للنهب في باقي المؤسسات الأخرى مايلي: المطاعم المدرسية( CS ) 0.085 مليار درهم، وكالة المغرب العربي للأنباء (MAP)0.176 م د، المكتب الشريف للفوسفاط (OP)10 م د، المكتب الوطني للنقل (ONT) 0.20 م د ، بنك القرض العقاري والسياحي(CIH) 8 م د ، ثم صندوق القرض الفلاحي (CNCA)1 م د ، وإذا أضفنا المبلغ المقدر نهبه من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، فان مجموع ما تم نهبه هو 134.281 مليار درهم (10) ، النهب لم تسلم منه حتى جمعية الأعمال الاجتماعية لمستخدمي البرلمان المغربي، فقد تم إيقاف مقهى البرلمان لتواجد " تلاعبات" في حسابه المالي !! ، أما مؤسسة الجيش التي يغرف جنرالاتها من أسماك الصحراء بدون رقيب، فقد كشف القبطان " أديب " جزء صغير من المستور، حيث كاتب محمد السادس حول السرقات اليومية، لمواد التموين، والمحروقات التي يقوم بها ضباط كبار في فرقته العسكرية، إلا أنه اقتيد إلى السجن حيث سيلقى دعما كبيرا من المنضمات الحقوقية داخليا وخارجيا..ويجري الآن الحديث في المغرب الحديث عن مصير 100 مليون درهم خصصت لإصلاح وكهربة بعض الثكنات العسكرية ونقط المراقبة الحدودية الواقعة شمال أكادير، وعلى الحدود الشمالية والشمالية الشرقية، والذي صرف من مؤسسة الحسن الثاني التي تتغذى من عائدات الخوصصة، ولقد بين التقرير المقدم للملك " التلاعبات " الحاصلة في التموين والإنجاز والذي يورط بعض الجنرالات، دون أن يطرأ أي تغيير، الآن لم يسبق في تاريخ المغرب أن قدم مسئول كبير في قطاع معين تبث تورطه في نهب وسرقة المال العام(11)، مادام الضحية هو المواطن المغربي البسيط، والمتهم هو من يتحكم في أنفاس وحياة مواطني هذا البلد السعيد، الذي " يعتلي" الرتبة 125 عالميا بين دول العالم، إذ يصبح في الأخير نموذجا للتأخر والتخلف في التنمية الإنسانية، ونهب الأموال العامة في آن واحد..
هذا النموذج الدولتي التي يقدمه المغرب لشعب الصحراء الغربية، كبديل عن حقه في تقرير المصير،
كما أن الحديث عن النهب الذي يتعرض له الشعب المغربي الشقيق، يجعلنا نطرح تساؤلات حول مستوى النهب الذي تعرضت له خيرات الصحراء منذ تفعيل بنود اتفاقية مدريد ؟ وكم من الثروات وعائداتها التي تلاعب بها المستعمر والمتعاونين معه؟ كم بلغت عائدات الفوسفاط ؟ ثروات البحر السمكية ؟ مقالع الرمال..؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي يفرضها الموضوع،
لكن تبقى الحقيقة هو ارتفاع نسبة الفقر المهولة بين صحراوي الأراضي المحتلة، والانحلال الاجتماعي الذي بدأ ينخر هذا المجتمع الذي كان ينعت بالمحافظ، كنتيجة حتمية لسياسات التفقير الممنهج، فسكان المدن المحتلة عبروا في مرات عدة عن رفضهم للإقصاء الاجتماعي في انتفاضات عدة، وهاهم اليوم يعتصمون بكافة شرائحهم في العديد من المناطق للمطالبة بحقهم في العيش الكريم، والتي توفرها لهم إمكانيات أرضهم الطبيعية، فهل تشكل هذه الحركية بوادر انتفاضات جديدة لن يخمد نارها القمع بسهولة ؟ هل هي بداية نهاية دولة غير مرغوب فيها من وجدت بكافة أساليبها بالصحراء الغربية ؟
مراجع معتمدة
1- هذا الضغط لم تنجو منه الصحف المغربية التي عملت على ترجمة فقرات من الكتاب ن منها مثلا الصحيفة العدد 176.
2- حسن إقبال – دور البنوك الأجنبية في المغرب، الصراع الطبقي في المغرب، الطبعة الأولى 1973، دار ابن خلدون، ص 255
3- حديث مع ثوري مغربي أجراه المفكر العفيف الأخضر في سبتمبر 1970 م س
4انتفاضات الفلاحين نموذج انتفاضة أولاد خليفة م س ص (61 – 67 ).
5 - خطاب الحسن الثاني في 8 يوليو 1974 في فاس بمناسبة احتفالات بعيد الشباب.
6 - عبد السلام ياسين، مذكرة لمن يهمه الأمر، ( ص 17-18 )
7 - م س 25- 26
8- أنظر أيضا المقال الذي نشرته جريدة القدس العربي، العدد 4871، الاثنين 24 يناير 2005، ص 7
9- انظر الاستجواب الذي أجرته معه مجلة المشعل العدد 10 من 29 إلى 05 فبراير 2005 ص6- 7
10 لهذه الأرقام لها صفة تدليلة فقط، والذي أخذت من التقارير الصحفية التي أنجزتها بعض الصحف المغربية في فترات زمنية متباعدة، حول بعض المؤسسات العمومية التي أفلست في المغرب، أنظر المرجع السابق ص 4
11- يجري الحديث اليوم في المغرب عن عملية تحمل شعار (تبيض الأسود ) ، ويتزعمها المدير السابق لمؤسسة (BMQD ( والذي اختلس أزيد من 7 ملايير، وتحذف هذه العملية إلى إطلاق عفو اقتصادي على لصوص المال العام بالمغرب مقابل استثمار الأموال التي نهبوها وهربوها إلى الخارج